ليس عيبا ولا سرّا، أن
يبدي السيد لخضر بن تركي، مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام انزعاجه من
طريقة تناول بعض الصحافيين للمهرجانات الفنية، بالقول أنها تبديد للمال
العام في الشطيح والرديح، فمن حقه أن يدافع عن تصوّره، ومنصبه، وخبزته!
*
لكن العيب أن يحجُر السيد بن تركي على الآخرين رأيهم، ويدعوهم جميعا
للمشاركة في الغناء والرقص، وإحياء ليالي السهر "حبّا في البلاد"، وهم في
غالبيتهم، جوعى لا يجدون قوتهم اليومي، أو بطالون بدون مناصب، أو مشردون لا
مأوى لهم، ومحڤورون على طول السنة، صيفا وشتاء من* طرف* الإدارة*!
*
هؤلاء هم خصومك يا بن تركي، وليس الصحفيون، كما بات من الضروري أن
يعرف الجميع، أن الهاء الشعب بالموسيقى والسهرات، مآله إلى الفشل، تماما
مثل ما حاولت الحكومة الاختباء وراء انجازات كرة القدم لشهور، ومع أول تعثر
للفريق الوطني، عقب المونديال، تذكّر الجزائريون ارتفاع* أسعار* الزيت*
والسكر،* فخرجوا* إلى* الشوارع* غاضبين*!
*
لا عيب أن يسهر البعض، ولا عيب أن لا يسهر آخرون، لكن العيب أن نأخذ
من مال الفئة الثانية، لإنجاح سهرات الفئة الأولى، ودعوة بن تركي، وخليدة
تومي، وجميع محافظي المهرجانات للرقص والغناء و"الزهو" في ليالي الصيف،
تشبه تماما دعوة القذافي حين قال لشعبه وهو يموت تحت* الحصار،* أو*
بقصف* قنابل* طائرات* الناتو،* *"ارقصوا* وغنوا*"*!
*
في المغرب، ومصر، تحركت العديد من المطالب الشعبية، لوقف مهرجانات
الرقص والغناء، بحجّة أن الفقراء في البلدين، أكثر حاجة لتلك الأموال من
شاكيرا التي غنت بالمغرب الشهر الماضي، وتستعد للغناء في مصر، شهر نوفمبر
المقبل، وقد كان من الواجب أن يتحرك دعاة منع المغنيين* لحضور* حفلات*
الجزائر* من* هذا* الباب،* أي* بهدف* الحفاظ* على* التوازن* في*
صرف* المال* العام،* وليس* من* باب* الأخلاق،* ومكافحة* الفسق،*
ومحاربة* الرذيلة،* فتلك* قضية* أخرى* ومصيبتنا* فيها* أعظم*!
*
لكن، لماذا نظلم هؤلاء المغنيين، حين يأتون إلى الجزائر، فإذا كان
هؤلاء وبشهاداتهم لا يحصلون إلا على ربع ما يتقاضونه في بلدان أخرى، فأين
تذهب بقية الأموال؟ أليس من الأجدى محاسبة بني جلدتنا قبل معاقبة الوافدين
من البلدان الأخرى، أو محاكمة نواياهم في سرقة المال* العام*!
*
الحملة الأخيرة ضد المغنية إليسا، لا تلزم إلا أصحابها، وهم أحرار
فيها، سواء كانوا على حق، أو مخطئون، لكننا نقول "صح النوم"، فيا ليتنا
وفرنا أصواتنا ومواقعنا على النت، واحتجاجاتنا للقول لا للوزير الفلاني
الفاسد، أو ابنه السارق، ولا لرئيس الشركة المحتال، ولا لمدير* البنك*
المختلس،* أو* لبائعي* الأوهام* في* مواقع* المسؤولية* هنا*
وهناك*..* أما* عن* الأخلاق* وصيانتها* في* البلاد،* فتأكدوا،*
ليست* إليسا* وحدها* من* سيفسد* أخلاقنا* عبر* حفل* واحد*!*